الاثنين، 18 فبراير 2019

الحلقة الرابعة: مغامراتي مع التصوير بالرنين المغناطيسي MRI



الصورة من تصوير الصديقة د.لورا مورلوك Photo by My Friend: Dr.Laura Morlok

استمرت جلسات العلاج الإشعاعي جلسة تلو الجلسة وخلال الجلسات، جاء موعد التصوير بالرنين المغناطيسي MRI. تذكرت مقالاً في مجلة العربي عن جهاز ال MRI   كنت قد قرأته في المرحلة الابتدائية وكان يتحدث أن هذا الجهاز الجديد يحمل معه أملاً لإنقاذ حياة كثير من الناس لقدرته المختلفة عن الأجهزة الأخرى في اكتشاف الأورام السرطانية. تذكرت الصورة التي في المجلة وشعرت بالقلق أنني سأكون داخل هذا الجهاز الضيق.
 طلبت من أخي الغالي أن يحضر معي إلى غرفة التصوير ليخفف عني بعض القلق من المجهول. وكان عمره آنذاك خمسة عشر عاماً وكان رفيقي في أغلب مواعيدي الطبية. طلبت مني الممرضة تبديل ملابسي والتأكد من نزع أي شيء معدني مثل الساعة، الأقراط ومشبك الشعر، ثم قامت بتهيئتي بوضع إبرة في الوريد ليتم ضخ الصبغة خلالها وأخبرتني أن الفحص سيستغرق حوالي خمساً وأربعين دقيقة وساعدتني أن آخذ الوضعية المطلوبة (أن أكون ممددة على بطني ويتم إدخال الثديين في قالبين لتظهر الأنسجة بوضوح أثناء التصوير)، لم أتخيل كيف سأستطيع البقاء بلا حراك طوال هذه المدة وبهذه الوضعية المزعجة بالذات بسبب ضغط القالبين على قفصي الصدري. أعطتني الممرضة جرساً لأستخدمه إذا احتجت أي مساعدة أثناء الفحص ووضعت الممرضة سماعات أذن يُتلى فيها القرآن الكريم فارتحت كثيراً وشعرت بالسكينة. دخل أخي الغالي وجلس في أحد أركان غرفة التصوير موجهاً وجهه صوب الجدار، فشعرت بأمان أكثر. دفعت الممرضة المنضدة التي أرقد عليها إلى داخل جهاز وكأنه أنبوب ضيق، شعرت بالضيق بسبب ضيق المكان وتذكرت القبر وأنا مغطاة بأغطية بيضاء، بدأ الفحص وعلت أصوات الجهاز، شعرت وقتها أن كل ذرة في جسدي ترتج بسبب علو الصوت، حاولت الاسترخاء وأنا استمع للقرآن. وفجأة شعرت بآلام رهيبة في ثدييّ وقفصي الصدري، حاولت أن أتماسك إلى نهاية الفحص. بعد ذلك جاء وقت ضخ الصبغة من جهاز ضخٍ إلكتروني، ازداد ألمي وشعرت بآلام رهيبة في ذراعي أيضاً. انتهى الفحص وأنا في قمة الألم. وجدت أخي الغالي واضعاً يده على رأسه من شدة الإزعاج الذي تعرض له أثناء التصوير. جاءت الممرضة لتساعدني لأنهض فقد كنت أشعر بدوار شديد بسبب الاستلقاء في تلك الوضعية مع ارتفاع الصوت والألم الشديد. وعند نزع الممرضة لإبرة الوريد لاحظنا أن يدي متورمة تورماً شديداً وكأنها ساق فيل! استغربت الممرضة جداً فأخبرتها أيضاً عن الآلام الشديدة التي شعرت بها، ازداد استغرابها، وقالت هذا ليس طبيعي أبداً وعليك مراجعة الطبيب، فهذا الفحص آمن ولا يسبب آلاماً أو تورماً وماحدث لك شيء غير اعتيادي.
في اليوم التالي راجعت طبيبي واستغرب كثيراً مما حدث وعندما راجع النظام وجد أن هناك خلل في التصوير بسبب عدم دخول الصبغة وقال: يبدو أن الإبرة قد تحركت من الوريد وتم ضخ الصبغة في العضل لا الوريد ولذلك تورمت يدك، وتفسير آخر, ربما لم تتحمل أوردتك قوة الضخ من الجهاز فحدث ما حدث, يجب عليك إعادة الفحص (أوردتي صغيرة جدا ودائماً أعاني لكي تجد الممرضة وريداً مناسباً)،. تضايقت جداً لأن الفحص مزعج وعليّ إعادته، لكن ما باليد حيلة. أخبرت الطبيب عن الآلام المبرحة، فاستغرب وقال نرى نتيجة الفحص الجديد ونبحث في الموضوع.
استمر الألم وازداد قلقي فماذا عساه أن يكون، هل ازداد وزن صغيري فأصبحت عضلاتي تؤلمني عند حمله، هل انتشر الورم ووصل للعظام، فكرت كثيراً وتعبت من التفكير.
استمرت جلسات العلاج الإشعاعي وجاء الموعد الثاني للتصوير بالرنين المغناطيسي، فأي مفاجأة سيحمل لي هذه المرة. 


الموعد الثاني للتصوير بالرنين المغناطيسي 

ذهبت لإجراء التصوير للمرة الثانية كنت قلقة ومتوترة بسبب تجربتي الأولى. في هذه المرة لم تتورم يدي ولكن آلامي ازدادت بطريقة لا تحتمل، احتارت فنيات الأشعة والأطباء في أمري. عدت للمنزل وإذا بي أتفاجأ بكتلة مؤلمة وغريبة فوق ثديي الأيسر وقريبة من الكتف، أصابني الذعر، فماذا عساها أن تكون؟ هل هيّ ورم جديد أم ان الورم قد انتشر من الثدي الأيمن ولَم ينتبه الأطباء لذلك. هرعت إلى والدي الغالي وأنا خائفة مذعورة فأخبرني أن الكتلة ظهرت فجأة بعد ال MRI
ومن المفترض أن الأورام السرطانية لا تنمو بهذه السرعة، لذلك يمكننا مبدئياً الاطمئنان أن الموضوع ليس ورماً سرطانياً جديداً. ذهبت للطبيب في اليوم التالي فأخبرني بنفس كلام والدي وطلب لي MRI جديد للكتف لأن الكتلة فوق الثدي وأقرب للكتف.
ذهبت للموعد المحدد، وطال الفحص كثيراً وازدادت آلام القفص الصدري وامتدت للكتف والذراع، شعرت بالقلق فليس من المتوقع أن يتجاوز الفحص ساعة كاملة. دخلت الفنية وقالت لي: لقد حدث ما يسمى magnetic field distortion  خلل وانحراف في المجال المغناطيسي , وهذا لا يحدث إلا في حال وجود معدن في جسدك، هل قمت بعمل أي عمليات في كتفك وهل تم وضع أي معدن مثل المسامير أوغيرها في هذه المنطقة ؟
فكرت كثيراً وكنت متأكدة من إجابتي فأنا فعلاً لم أجري أي عمليات جراحية في كتفي ولَم يتم وضع معادن في جسدي. أخذتني الفنية إلى الأخصائي المشرف على وحدة الMRI وسألني نفس الأسئلة, ثم طلب مني عمل أشعة سينية للكتف.تعامل مع الموضوع باحترافية منقطعة النظيرماشاء الله ,فهوَّ اخصائي متخصص في مجال الMRI وحاصل على الزمالة من إحدى أعرق الجامعات في الولايات المتحدة الأمريكية. قمت بإجراء الأشعة وكانت المفاجأة قال لي المشرف أن هناك سلكاً معدنياً ذا خطاف طوله حوالي أربع سنتيمترات في كتفي! استغربت كثيراً من أين أتى هذا السلك؟
تذكرت أنني تلقيت علاجاً بالإبر الصينية عندما أعيتني الحيل ولَم أَجِد علاجاً لفرط القيء في حملي الأول. عدت للبيت وقد أصابني دوار من كثرة التفكير.
ازداد الألم والتورم وأصبحت غير قادرة على حمل صغاري أو احتضانهم، احترت واحتار أطبائي ولَم يجدوا تفسيراً لما يحدث. 
قررت الذهاب للطبيب الجراح ليعاين تلك الكتلة، وأخبرته أيضاً عن الآلام المبرحة، وعن السلك المعدني الذي ظهر في صورة الأشعة في كتفي، نظر إليَّ بنظرة ساخرة وأدار يده بجوار رأسه كإشارة أنني واهمة أومجنونة وقال لي: أنت أصبحت تهلوسين وتتوهمين بسبب إصابتك بالسرطان في سن صغير! أما السلك ربما كان دبوساً معدنيا كنت قد نسيته في ملابسك أو قد يكون إحدى الإبر الصينية كما قلت. أصبت بصدمة مما قاله, كيف يسخر بهذه الطريقة ولا يضع أي اعتبار ويحترم نفسيتي ومشاعري وأنا أواجه هذه الفترة ما الله به عليم. وكيف للسلك أن يكون دبوساً نسيته, أنا لست حمقاء و
أيضاً لست عمياء, لقد عاينت ملابسي قبل التصوير وتأكدت من خلوها من المعادن وأيضاً ملابسي في التصوير بالإشعة السينية
  X-rayكانت مختلفة عن التي كنت أرتديها في ال MRI. خرجت وأنا أمسح دموعي وقلبي حزين مما قاله لي الطبيب. تذكرت أمي رحمها الله وكيف كانت تفكر كثيراً وتخطط وتنتقي ألفاظها عندما تحتاج أن توجه رسالة أو خبراً مهماً لمرضاها وكيف كانت حريصة على نفسياتهم ومشاعرهم وهذا أيضاً ما يفعله والدي الغالي حفظه الله. ليت كل الأطباء مثل والدي ووالدتي.
مايحدث لي لغز محير وعليَّ أن أبحث عن تفسيره بنفسي، تذكرت تقاريري الطبية التي لم اطلع عليها لانشغالي، قررت أن أراجعها لعلي أجد فيها الإجابة.

ـ أعتذر عن ذكر اسم الطبيب والمستشفى وأرجو التفهم وعدم الإحراج. فالهدف التوعية وليس التشهير.

ملاحظة:لكتابة تعليق الرجاء الضغط على عنوان المقال بالأعلى أو كلمة تعليقات أسفل المقال ليظهر المكان المخصص للتعليقات.

السبت، 9 فبراير 2019

الحلقة الثالثة: الرابع من يناير ٤/يناير/٢٠٠٥



الحلقة الثالثة: الرابع من يناير 
٤/يناير/٢٠٠٥

الصورة من تصوير الصديقة د.لورا مورلوك Photo by My Friend: Dr.Laura Morlok

وجاء اليوم المنتظر الرابع من شهر يناير، اليوم الذي كنّا سنسافر فيه إلى كندا. لكن شاء الله تعالى أن تتغير جميع الخطط وأن يسافر زوجي وحده وأبقى وأبنائي في السعودية. سيسافر زوجي ليواجه شتاء كندا القارس وحده و سأبقى لأواجه عاصفة شتوية عصفت بي في ربيع عمري، عاصفة سرطان الثدي. لم يكن هناك مجال أن يؤجل زوجي دراسته ليبقى معي، فلقد أجلها مرة قبل ذلك لظروف أخرى والتأجيل للمرة الثانية قد يؤدي إلى إنهاء بعثته.
ذهبنا للمطار لنودع زوجي وأنا حزينة القلب شاردة الذهن وزوجي تعلو محياه مسحة من الحزن. ومع شرود ذهني وازدحام الأفكار في رأسي ضاع صغيري وسط زحام المطار و كدت أفقد عقلي وأنا أبحث عنه إلى أن وجدته. سافر زوجي وسافرت قطعة من قلبي معه، لم أعرف كيف أشرح لصغيري الذي لم يكمل عامه الثاني ماحدث. لكن لحسن الحظ كان يحب الطائرات ويرفع يده لأعلى كلما سمع صوت طائرة ويقول " طيايا فووو فوو" ، فأخبرته أن بابا قد ركب "طيايا فووو". صار صغيري يجري إلى النافذة كلما سمع صوت الطائرة منادياً والده بأعلى صوته" يا بابا تعالى".
في اليوم التالي كان موعد سفر عاملتنا المنزلية فاطمة للعودة النهائية إلى أندونوسيا.كانت أم زوجي حفظها الله قد أرسلت عاملتها فاطمة لمساعدتي وأنا في المنطقة الشرقية بسبب معاناتي الشديدة في حملي وصعوبة رعاية صغيري مع وضعي الصحي في الحمل. كانت فاطمة بمثابة  الأخت ونعتبرها كفرد من أفراد عائلتنا. فكرت أن أطلب من فاطمة البقاء معي إلى أن أتم علاجي وأسافر إلى كندا لتساعدني في رعاية صغاري. لكنني تذكرت قصة ابنتها ذات الثامني أعوام، التي تركض كلما رأت سيارة قادمة صوب قريتهم ظناً منها أنها قادمة من المطار تقل والدتها، وعندما لا تجد والدتها تصاب بإحباط وخيبة أمل شديدين وتعود إلى منزلها حزينة باكية. إنها تنتظر والدتها الآن على أحر من الجمر بعد أن  تأجل سفرها عدة مرات، كما أن شوق فاطمة لابنتها قد بلغ مبلغه. لا أريد أن أكون سبباً في حرقة قلب أم وابنتها فأنا أم و أعرف لوعة قلب الأم على صغارها، كيف لا وفِي قلبي لوعة على صغاري وأخشى فراقهم إذا لم يأذن الله بشفائي. سافرت فاطمة وحزننا على فراقها وتأثر صغيري جداً فقد سافر والده الغالي ودادا فاطمة التي يحبها كثيراً.

موعدي مع الطبيب
جاء موعد مراجعتي مع الطبيب الجراح، عاين الجرح الذي بدأ في التحسن وامتدح جراحته قائلاً " لا يكاد يكون هناك أثر للجرح" وفعلاً لقد كان كلامه صحيحاً فلقد كانت الجراحة متقنة جداً بفضل الله ثم بفضل مهارته. أخبرته بالآلام المبرحة التي أعاني منها في القفص الصدري فقال لي أن هذا شئ مستغرب وغير متوقع وكتب لي بعض المسكنات. 
ناقش معي الطبيب عدة أمور هامة لم أشعر أنني متهيأة نفسياً لسماعها، تحدث قائلاً " أعيد وأكرر لقد أزلنا الورم والغدة الليمفاوية الحارسة، لكن يجب عليك مستقبلاً استئصال الثديين وقائياً بسبب نشاط الورم و صغر سنك وهرموناتك النشطة وبسبب تاريخك الأُسَري،لكن إلى أن تتخذي هذا القرار، عليك أن تقومي بعمل الفحوصات كل ستة أشهر وأهمها التصوير بالرنين المغناطيسي لأن عمرك أقل من أربعين سنة ولأن لديك عامل وراثي فالتصوير بالرنين يكون أوضح وأدق بعض الأحيان من الماموجرام لأنسجة الثدي لدى السيدات الشابات. وضعي أيضاً بعين الاعتبار أنك مهددة بسرطان المبيض وعليك التفكير في استئصال المبيضين وقائياً لكي لا يحدث لك كما حدث لوالدتك رحمها الله ولكن حالياً يمكنك عمل فحص الموجات فوق الصوتية للبطن والحوض كل ستة أشهر وعمل تحليل الدم  مؤشر  CA125
tumor marker كفحوصات وقائية.   ثم استدرك قائلاً: وعليك عمل فحص جيني لمعرفة إذا كان لديك تحور جيني للجين BRCA1 أو BRCA2 لأن التحور في أحد هذين الجينين هوَّ المسؤول عن الجانب الوراثي في سرطان الثدي والمبيض أوما يسمى بمتلازمة وراثة سرطاني الثدي و المبيض 
Hereditary breast–ovarian cancer syndromes(HBOC)

،التحليل غير متوفر في السعودية ولكن يمكننا إرسال العينات خارج المملكة أو يمكنك عمله في كندا. .انتهى الطبيب من كلامه ورأسي يدور من كثرة المعلومات المرعبة التي سمعتها، ولكنني أعجبت بغزارة علم الطبيب وحرصه على تثقيفي وممتنة جداً لكل معلومة سمعتها منه.
قام الطبيب بعمل تحويل لي للعلاج الإشعاعي ولعمل رنين مغناطيسي ولمقابلة طبيب الأورام، ثم عقب على ذلك قائلاً زيارتك لطبيب الأورام تحصيل حاصل لأنك لن تحتاجي علاجاً كيميائياً كما أخبرتك سابقاً. فرحت بعبارته الأخيرة وأخذت عبارته كضمان أنني لن أوجه العلاج الكيماوي الذي واجهته  أمي رحمها الله وعانينا معها برؤيتها تعاني.من يعرف العلاج الكيماوي وآثاره الجانبية لا يتمنى أبداً أن يواجهه. وافق كلام الطبيب شيئاً في نفسي،وأنا لا أعرف ماقُدر لي مستقبلاً ولم أنتبه لحقيقة مهمة أن هذا الطبيب طبيب جراح وليس طبيب الأورام ليبت في مثل هذه القضية. بعد ذلك قمنا بتعبئة استبيان طويل من أجل تحويل للتصوير بالرنين المغناطيسي للتأكد من عدة أمور صحية أهمها خلو جسدي من أي معادن لأن قوة المجال المغناطيسي قد تؤدي إلى تحرك أي معادن في الجسم. 
انتهيت من تعبأة الاستبيان مع الطبيب، ثم ذهبت لحجز الموعد الرنين، والعلاج الإشعاعي.

 العلاج الإشعاعي 
أخبرني الطبيب الجراح أن عليَّ أن أبدأ العلاج الإشعاعي في أسرع وقت، ولذلك جاء موعدي سريعاً. وفي ذلك اليوم ذهبت لعيادة علاج الأورام بالأشعة وفِي الانتظار وجدت طبيباً يحي مرضاه بلطف و ينادي كبار السن بأمي وأبي استبشرت خيراً، سيكون من الجيد أن يكون هذا الطبيب هوّ الطبيب المشرف على علاجي.
قابلت الطبيب وقام بشرح تفاصيل العلاج الإشعاعي وطبيعته وآثاره الجانبية،أخبرني أنني سأحتاج خمس وعشرون جلسة متواصلة يومياً، كان أسلوب الطبيب مريحاً وأعطاني من وقته الكثير وأعطاني فرصة لأسال أسئلتي، ليت كل الأطباء لديهم خلق هذا الطبيب وصبره وتفهمه للمرضى وأسلوبه الهادئ الذي يساعد على تخفيف قلق المريض. ذهبت بعد ذلك مع فنية العلاج بالأشعة وقامت بعمل قياسات لتحديد الوضعية المثلى أثناء العلاج و لتحديد المنطقة التي سيتم تعريضها للإشعاع وتم تحديد ذلك بنقاط مختلفة في جسدي بطريقة تشبه طريقة عمل الوشم، أرادت الممرضة أن تضفي جو الفكاهة فقالت هاقد حصلت على تاتو(وشم )مجاناً. 
عدت في اليوم التالي للجلسة الأولى، وفِي غرفة الانتظار قابلت عدة سيدات وتجاذبنا أطراف الحديث فمعاناتنا واحدة وسنلتقي كل يوم هذا الشهر.
 كانت الفنيات والممرضات المسؤولات في غاية اللطف وكأنهن تم تدريبهن لتلطيف الجو وتطييب الخاطر (ومازلت على علاقة بإحداهن إلى يومنا هذا).
ابتسامتهن، تحيتهنَّ وطريقة تعاملهن في غاية الرقي، هذه الأمور البسيطة تصنع فرقاً وترفع معنويات المرضى كثيراً وأعتبرها جزء لا يتجزأ من العلاج.
كنت قلقة جداً بعدما قرأت بعض المعلومات عن العلاج الإشعاعي وأنه يستخدم حزماً مكثفة من الأشعة مثل الأشعة السينية والطاقة العالية للقضاء على نمو  وانقسام الخلايا السرطانية وللأسف يسري ذلك على الخلايا السليمة أيضاً. وازداد قلقي عندما علمت أن الجلد قد يتأثر سلباً وكذلك الأضلاع من هذا العلاج.
ضايقني أيضاً أنني سأكتشف يومياً والأدهى والأمر أن هناك فنيُُّ يشرف على العلاج، لكن لعلي أستطيع الاتفاق مع الفنيات والطبيب أن تشرف على علاجي الفنيات لا الفني.

عدت للمنزل بعد جلستي الأولى،ووجدت صغيري يجلس على الأريكة واجماً وكأنه يفكر تفكيراً عميقاً كرجل قد أثقلته الهموم لا كطفل لم يكمل عامه الثاني. تساءلت في نفسي عما يدور في رأسه الصغير، هل اشتاق لوالده، هل افتقدني بسبب كثرة ترددي على المستشفى، بماذا يفكر ياترى. دعوت الله تعالى أن يهون هذه الأيام علينا جميعاً.


ملاحظة:لكتابة تعليق الرجاء الضغط على عنوان المقال بالأعلى أو كلمة تعليقات أسفل المقال ليظهر المكان المخصص للتعليقات.